مسكنالفعالياتمساحاتMDLBEAST Radioمؤسسة مدل بيستالتوظيفمكافأت السعوديهاحتفالات الشركات


صناعة الموسيقى

التنقيب عن الكنوز الصوتية: عبدالسميع اللميع وثقافة الفينيل بالمملكة


بواسطة Sara Wael

م 06 2025

صناعة الموسيقى

التنقيب عن الكنوز الصوتية: عبدالسميع اللميع وثقافة الفينيل بالمملكة


بواسطة Sara Wael

م 06 2025

على مدى ما يقارب العقدين، واصلت أسطوانات الفينيل صعودها العالمي، متحدية التوقعات ورسخت مكانتها رغم هيمنة العالم الرقمي. فبعدما كانت تُعد مجرد نوستالجيا لماضٍ غابر، أصبحت اليوم ظاهرة متجددة تعيد تعريف تجربة الاستماع.

وفقًا لتقرير الاتحاد الدولي لصناعة التسجيلات الموسيقية (IFPI) لعام 2025، سجل الفينيل عامه الثامن عشر على التوالي من النمو، مع ارتفاع الإيرادات بنسبة 4.6% خلال عام 2024، رغم تراجع مبيعات الأشكال المادية الأخرى بنسبة 3.1%. وبينما تتراجع الأقراص المدمجة والفيديوهات الموسيقية، يواصل الفينيل جذب جمهور جديد حول العالم، بما يحمله من سحر خاص وصوت دافئ وغني.

في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدأ الفينيل يستعيد تألقه، خاصةً بين عشاق الصوتيات، وهواة الجمع، والمنسقين الموسيقيين، وكل من يبحث عن تجربة استماع أكثر عمقًا. وفي هذا الإطار، نلقي الضوء على عبدالسميع اللميع (ياسر حماد)، المنسق الموسيقي وأحد أبرز هواة جمع الفينيل في المملكة العربية السعودية، لاستكشاف شغفه بالأرشيف الصوتي العربي وأندر مقتنياته، وكيف لا يزال صوت الأنالوج يحتفظ ببريقه وسط موجة الرقمنة.

ما هو أكثر من مجرد موسيقى: الفينيل كبوابة لحكايات سعودية

بدأت رحلة عبدالسميع اللميع مع الفينيل خلال سنوات دراسته في لوس أنجلوس، حيث يروي: "كل شيء بدأ عندما دخلت متجر Amoeba Music الشهير في هوليوود. كنت أبحث عن موسيقى تصويرية للأفلام، لكن مع الوقت شدني قسم الموسيقى العالمية، ومنه بدأت أفتش عن التسجيلات العربية". 

قاده هذا الفضول إلى اكتشاف أسماء مثل عازف العود النوبي حمزة علاء الدين، والفنان المغربي فضول، من مشهد الفانك المغاربي، وغيرهم الكثير. يصف عبدالسميع هذه اللحظة قائلًا: "أيقنت هنا أن الأمر أكبر من مجرد تسجيلات. كانت بداية لرحلة في اللغة، والهوية، وتاريخ الصوت العربي وانتشاره حول العالم".

عاد عبدالسميع إلى السعودية عام 2018 ليكتشف أن ثقافة الفينيل لا تزال محدودة في المملكة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالتسجيلات العربية الأصلية. خلال جائحة كورونا، زار فرع بوهيميا كافيه في الرياض، ولاحظ هيمنة الإصدارات الغربية على المشهد. استمر بعدها في رحلته للبحث عن هذه التسجيلات، ليكتشف لاحقًا مجتمعًا افتراضيًا عبر منصتي إنستجرام وواتس آب، حيث التقى مع ديجي فينيل مود (مهند ناصر)، الذي شجعه على خوض تجربة العروض الحيّة.

انضم عبدالسميع لاحقًا إلى مجموعة مزادات يديرها محمد الدوسري، حيث يتبادل الهواة تسجيلاتهم السعودية النادرة وقصصها. تفاجئ هناك بعدد الأشخاص الذين يشاركونه الشغف ذاته، قائلًا: "كنا نزايد على الإسطوانات ونتبادل القصص عن فنانين محليين غير معروفين، أغلبهم لم أسمع بهم من قبل. هكذا تعرفت على المغني الشعبي السعودي بشير شنان... كلها أصوات تنتمي لفترة موسيقية منسية تمامًا".

لم تكن هذه الاكتشافات أكبر مفاجأة واجهها عبدالسميع خلال رحلته. بل يروي: "كثير من الفنانين الشعبيين السعوديين، خصوصًا في السبعينات والثمانينات، كانوا يطبعون أعمالهم في اليونان، رغم أن التسجيلات كانت تُوزع عبر شركات سعودية مثل رياض فون والشرق ورجاء فون". ويضيف: "كل هذه المعلومات دفعتني للتساؤل: من هم أصحاب هذه التسجيلات؟ وما هي قصصهم؟ أود أن أتعمّق في الموضوع بشكل أكبر".

وفي ظل ندرة التسجيلات الأصلية في الأسواق السعودية، توجه إلى محطات إقليمية مميزة مثل شيكو ريكوردز في بيروت وشيريز فاينل في القاهرة، وذكر أنها "تعدّت هذه الأماكن كونها مجرّد متاجر، لتصبح مساحة للحوار وتبادل المعلومات مع أصحابها".

التسجيلات النادرة: ما بين الجذور العميقة والمفاجآت الصوتيّة

رغم سنوات من التنقيب في متاجر الفينيل حول العالم وإكتشاف القصص التي تكمن وراءها، لا يزال هناك تسجيلان محفوران في ذاكرة عبدالسميع اللميع. ليس فقط لقيمتهما الفنية، بل لما حملاه من قصص تخصّ موسيقى.

يتحدث عن هذه الأسطوانات التي تركت أثرًا كبيرًا في ذاكرته، قائلًا: "كان ذلك في متجر "أموبيّا ميوزيك" في سان فرانسيسكو، حيث صادفت بالصدفة تسجيلًا لمتقال القناوي. أما الثاني، فكان في مدينة آنسي الفرنسية، حيث عثرت على نسخة نادرة لأم كلثوم بحالة ممتازة. لكنها لم تكن أغنياتها العاطفية، بل كانت تتلو القرآن وتؤدي قطعًا دينية. هذا النوع من التسجيلات نادر جدًا".



أما بالنسبة لعبدالسميع، يبقى الفينيل حاضرًا حتى اليوم بسبب التجربة الحسية الفريدة التي يوفرها. يبرر ذلك قائلًا: "الصوت هنا مادي ومدروس وغامر. لا تستمع له فقط، بل تشعر به. هناك مساحة أكبر للتمعّن بالموسيقى، والعيوب تعتبر جزءًا من التجربة".

وخلال عروضه الموسيقية التي استخدم فيها هذه الإسطوانات، خاصة في أماكن تاريخية مثل "جدة البلد"، لاحظ عبدالسميع ردود الفعل العاطفية المباشرة من الجمهور. يروي قائلًا: "أي مقطع نادر لطلال مداح قد يوقظ فضول الجمهور فجأة… لحظة إعادة الاكتشاف هذه هي ما يجعل التنقيب والمشاركة أمرًا مجزيًا".

واليوم، تكاد مجموعة عبدالسميع تكون عربية بالكامل، من الفولكلور الخليجي إلى الفانك المغاربي. لكن بناء هذا الأرشيف لم يكن سهلًا، حيث يقول: "التسجيلات العربية لم تكن تُنتج بكميات كبيرة مثل نظيرتها الغربية، وأحيانًا نجد إسطوانات بغلاف مفقود، أو تكون الإسطوانة ذاتها مخدوشة، أو كُتبت عليها معلومات غير دقيقة". ورغم هذه التحديات، يواصل رحلته في البحث عن هذه الإسطوانات، ما بين بيروت وأسواق باريس الشعبية، ساعيًا خلف تسجيلات عربية ابتلعتها الذاكرة.

من جدة إلى الرياض: دليلك لإسطوانات الفينيل في السعودية

بدأت ثقافة جمع الفينيل في السعودية تتوسع تدريجيًا، خصوصًا مع تصاعد اهتمام الجيل الجديد بهذه التجربة الحسية الفريدة. وفي حين تبقى التسجيلات العربية النادرة متوفرة غالبًا عبر المزادات والمقتنين، ظهرت أيضًا وجهات يمكن زيارتها للحصول على مختلف الإصدارات العربية وغيرها. ففي الرياض، يمكن العثور على مختارات من أسطوانات الفينيل في فرع بوهيميا كافيه بمنطقة جاكس، ومقهى سوهو شوت ومتجر فيرجن ميغاستور، بالإضافة إلى الحراج.

أما في جدة، فننصحك بزيارة مقهى Antiques and Music، بجانب أول فرع لـ بوهيميا كافيه في منطقة الخُبر، وفروع متاجر إكسترا وفيرجين ميغاستور المنتشرة في مختلف مناطق المملكة. ولا ننسى أيضًا متاجر الإنترنت مثل vinyl.ksa وnajdrecords.com، اللذان يقدمان مختارات منتقاة بعناية.


شارك