لقد اكتشفنا سابقاً أصل الموسيقى، وعالم الآلات الوترية، والعديد من من أنواع الآلات الموسيقية، مثل الساكسفون. ومتابعةً لذلك، سيتطرّق هذا المقال إلى أنواع الكمان واستخداماته في مختلف الأنواع الموسيقية. ويعدّ الكمان، المُلقّب بسوبرانو الأوركسترا الرقيق، آلةً مؤثرة في مسرح الموسيقى على مدى قرون، ذلك لما تقدمه عائلة الكمان من تنوع أصوات غني ومعبر عن مشاعر الموسيقيين المختلفة. 

نبذة عن تاريخ الكمان

وفقاً لمعظم المؤرخين، لقد ظهر الكمان الأول في شمال إيطاليا في القرن السادس عشر، حيث استمرت تقاليد صناعة الكمان على مر العقود. لقد وفرت تلك المنطقة الوصول السهل لخشب القيقب والتنوب، المُستخدمَين في حرفة صناعة هذه الآلة. 

وعلى الرغم من بدايات الكمان المتواضعة، واعتباره آلة للطبقات الاجتماعية الدنيا، إلا أنّه أصبح آلة موسيقية مهمة في القرن السابع عشر نتيجةَ إدخاله على الأعمال الموسيقية للعديد من المؤلفين. ومن أهم هؤلاء الموسيقيين الذين ساهموا في رواج الكمان هو الموسيقار الإيطالي مونتيفيردي، الذي يعتبر رائد تطوير الأوبرا في عصر الباروك.

الكمان التقليدي: التقاليد والفلكلور

يُعرف الكمان التقليدي أيضاً باسم "fiddle"؛ مصطلح يستحضر الصور الحيوية لموسيقى الفولك، ويُستخدم بشكل شائع وغير رسمي لوصف توظيف الكمان في موسيقى الفولك، والكانتري (الموسيقى الريفية)، والأنواع الموسيقية التقليدية. 

ويعدّ الكمان التقليدي رمزاً للرواية الموسيقية للقصص، بفضل صوته الرنان وألحانه المُعدية، حيث يقوم العازفون على هذه الآلة بتوظيف مهاراتهم في استخدام القوس لبثّ المشاعر والطاقة في مقطوعاتهم، ما يأسر الجمهور مع كل نغمة.

الكمان الكهربائي: أصوات مبتكرة

تمكّن الكمان الكهربائي من التموضع في الوسط الموسيقي الحديث، بفعل قدرته على إنتاج أصوات الكمان التقليدي والأصوات الكهربائية التجريبية على حدّ سواء. ويدمج فنانو اليوم الكمان الكهربائي في العديد من الأنواع الموسيقية مثل الروك، والجاز، وموسيقى الرقص الإلكترونية، ومنهم الفنانة Lindsey Stirling، المعروفة بقناتها على اليوتيوب وحفلات الكمان الدامجة للكوريغرافيا، والموسيقار الفرنسي Jean-Luc Ponty، عازف الكمان وملحن الجاز.  

كما تقوم كيان، مُنتجة الموسيقى والـ دي جي السعودية، بتوسعة آفاق الكمان الموسيقية، حيث حققت شهرةً عالمية بفضل قدرتها المميزة على المزج بين الإيقاعات الإلكترونية وألحان الكمان. إضافة إلى ذلك، دمجت كيان ألحان الكمان العاطفية وموسيقى الرقص الإلكترونية في مهرجان ساوندستورم الموسيقي المقدم من شركة مدل بيست، مُستعرضةً قدرتها على الارتجال الموسيقي، ولقد مثّل أداؤها المبتكر أهمية عالمية الموسيقى والابتكار الموسيقي بالنسبة للمهرجان. 

كمان الكونترباص: اتساق الفرقة الموسيقية

يُعرف كمان الكونترباص باسم الكمان الأجهر، وهو الأكبر حجماً بين أنواع الكمان. يتميز بصوته الممتلئ والعميق الذي يشكّل أساساً للأوركسترا، وفرق الجاز، وغيرها من الفرق الموسيقية، حيث يقدم كمان الكونترباص الأساس الضروري لدعم المقطوعات الموسيقية بأكملها، والعمل كمحرك إيقاعيّ للفرقة. 

كمان التينور: الصوت الفريد

من بين أنواع الكمان الكثيرة، يعدّ كمان التينور من الأقل شهرة، إلا أنه يتميز بصوت فريد في عائلة الكمان. يقع هذا النوع بين الكمان التقليدي والتشيلو في الحجم والنبرة، ويصدر صوتاً مميزاً بدفئه ورنّته المعبرة، فيقوم بإضفاء تركيبة لافتة على أعمال الفرق الموسيقية صغيرة الحجم وعلى موسيقى الحُجرة، أي الموسيقى الكلاسيكية التي تضم عدداً أقل من الآلات. 

أنواع الكمان المستخدمة في الموسيقى الحديثة

تبرز قدرة الكمان الموسيقية على التأقلم في الموسيقى الحديثة اليوم، حيث يتم استخدامه في مختلف أنواع الموسيقى. وبينما تستمر حفلات الكمان والمعزوفات المنفردة في جذب جماهير الموسيقى الكلاسيكية، إلا أنّ الفنانين المعاصرين اليوم يضمون أنواع الكمان في المزج الموسيقي. ومن أبرز هؤلاء الفنانين: 

• الفنان David Garrett، أحد رواد المزج الموسيقي.

• الفنانة Vanessa-Mae، ذات الأصول السنغافورية، والتي أصبحت في عام 2006 من أكثر الفنانين الأصغر من الثلاثين عاماً ثراءً في المملكة المتحدة حيث تقيم. قامت هذه الفنانة بأسر الجماهير من خلال أسلوبها الذي يتخطى الحدود الموسيقية والقائم على التجربة المبتكرة.

• الفنان Stéphane Grappelli، الذي أحدث أسلوب عزفه على الكمان ثورة في الرابطة بين موسيقى الجاز والموسيقى الرائجة اليوم.  

وفي النهاية، تعدّ الموسيقى الشرق أوسطية، والهندية، والكلتية، أمثلة على الموسيقى العالمية التي تضم أنواع الكمان كافة. يمتزج الكمان مع الموسيقى في العديد من التقاليد والثقافات المختلفة، ما يخلق اندماجات صوتية ساحرة، تجعله آلة خالدة للتعبير الصوتي.