لطالما كانت الموسيقى والموضة حركتان متناغمتان على مر العقود. يظهر ذلك من خلال تأثير موسيقى البوب على بعض الأزياء المميّزة التي كان يرتديها الفنانين والفرق الموسيقية، مثل البدلات ذات الألوان المختلفة والفساتين بمقاسات كبيرة، وصولاً إلى الأزياء الترويجية في الجولات التي تم تحويلها لاحقاً إلى ملابس عصرية أو حتى الملابس المستوحاة من موسيقى البوب، كان هناك جذب ثقافي بين الأجيال المختلفة في جميع أنحاء العالم. ولكن متى بدأ هذا الارتباط بين الموضة وموسيقى البوب؟ ولماذا أصبح له تأثير كبير على اختيارات الملابس التي يرتديها الناس اليوم؟

عصر الأيقونات الذهبية للبوب والموضة

كانت ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين من الأعوام المحورية التي توحّدت فيها ثقافة البوب. لنتأمّل في بعض نجوم البوب الذين سيطروا على الموضة العالمية، حيث كانت قفازات مادونا المصنوعة من الدانتيل، والبدلات الضيقة، والسلاسل لا تعلن عن حس الموضة الذي يتمتع بالقوة فحسب، بل أثرت أيضاً على أذواق المراهقات في كل مكان.وعلى نحو مماثل، أصبحت سترات مايكل جاكسون العسكرية وقفازاته المبهرة عملة رائجة في الشوارع لأي شخص منفتح على أسلوبه المميز. أما في العالم العربي، فقد ارتدت فيروز أزياء لم تتكرّر أبداً، فكل ظهور على الساحة الغنائية كان يجلب معه زياً جديداً، ولكن لطالما تميّزت أزيائها بالحشمة والأناقة. كما وكان عمرو دياب معروفاً أيضاً بملابسه العصرية ولكن الكاجوال منها ذات القصات الدقيقة في تسعينيات القرن العشرين، كما يمكن ملاحظة أن ملابسه جمعت ما بين اللمسة العربية والغربية. وأخيراً، يمكننا القول بأن هذه الشخصيات استطاعت أن تثبت أنه حين تأتي الموسيقى في المقام الأول، فإن الجماليات البصرية التي تخص عالم الأزياء تلعب دوراً ثانوياً.

دور البوب في تحديد اتجاهات الأزياء العصرية

بحلول العقد الأول من الألفية الجديدة، أصبح البوب مرتبطاً بشكل ملحوظ مع الهيب هوب. عندما تظهر بيونسيه وريانا بأحذية رياضية وسترات بومبر واسعة أو يرتدين قمصاناً ذات رسومات لافتة، فاعلم أن ذلك سيعكس اهتمام وموضة عالمية. تظهر في الوقت ذاته، نفس الأساليب والأصوات من فنانين في منطقة الشرق الأوسط، حيث يعرض مهرجان MDLBEAST Soundstorm أزياء مبتكرة وفاخرة لفنانين يجمعون بين التراث العربي وأزياء الشارع الحديثة، مما يحدّد اتجاهات الموضة المحلية، ويعكس الروح الفنية لثقافة الشباب العربي.

التناغم العصري: الموضة تلتقي بالموسيقى

يعتبر هذا الأمر صحيحاً بشكل خاص في عالم اليوم، حيث توجد العديد من الأمثلة من أيقونات البوب والموضة، مثل ليدي غاغا وألكسندر ماكوين إلى أعضاء فرقة BTS الذين يعملون كسفراء علامة لويس فيتون. كما وتعاون فنانو البوب العرب أيضاً، حيث انضم الرجال والنساء منهم إلى مصممين محليين لتقديم حسّ الشرق الأوسط الذي أصبح معترفاً به عالمياً.

فيما يلي قائمة تسلط الضوء على العلاقة الديناميكية بين موسيقى اليوم واتجاهات الموضة العالمية المتطورة:

• إحياء عام 2000: قطع مستوحاة من الماضي، مثل القمصان ذات النقشة الفراشية والسراويل الواسعة.

• جماليات الهيب هوب: ملابس الشارع بما في ذلك الجينز الفضفاض والقمصان ذات النقشات والرسوم والأحذية الرياضية.

• أزياء Cottage Core: الفساتين الناعمة والطبعات الزاهية، المستوحاة من عصر الريف الإنجليزي.

• أزياء الجرونج: القمصان الفضفاضة والأحذية العسكرية والجينز الممزق، التي اشتهرت بها فنانات مثل أوليفيا رودريجو.

• أزياء البوهو شيك: الفساتين المنسدلة والقبعات ذات الحواف العريضة، المستوحاة من أيقونات مثل ستيفي نيكس.

• أزياء الشارع المستقبلية: السترات المتداخلة فيها بعضاً من القطع المعدنية وألوان النيون، المرتبطة بمهرجانات الموسيقى الإلكترونية والفعاليات، مثل ساوندستورم لـ مدل بيست.

تأثير البوب على الموضة السعودية والعربية

يعتبر كل من مهرجان ساوندستورم ومؤتمر إكس بي لمستقبل الموسيقى وجهتان موسيقيتان حديثتان تحتفلان بالمغامرة والاكتشاف والابتكار، إذ خلقا ثقافة مميّزة في المنطقة، حيث لا يكتفي الناس بالتفاعل مع الأصوات الغنائية والترفيه، بل يذهبون أيضاً للاستمتاع بتجربة استثنائية.
يتم استيراد الملابس إلى منطقتنا ونراها تتماشى مع ثقافتنا، إذ يحب الشباب العربي أزياء الشارع، لكنهم يدمجونها بطريقة تتماشى مع التقاليد والتراث الثقافي، حيث يحدث التكامل النهائي بين الموضة وثقافة البوب بشكل طبيعي.

تأثير الموضة المستدامة في ثقافة البوب

حيثما يوجد اهتمام بالبيئة، تدعم ثقافة البوب نسختها الخاصة من تجربة الملابس المستدامة. على سبيل المثال، ارتدت بيلي إيليش في الولايات المتحدة ملابس واسعة باللون الأخضر كإشارة أخلاقية، بينما في المملكة ودول الخليج، دخل العديد من دور التصميم إلى صناعة الموضة.
تم اعتماد العديد من اتجاهات الموضة المستدامة من خلال الفعل المناسب أثناء أسبوع الموضة. حتى مهرجانات مدل بيست السنوية تدعم هذه الثقافة التعاونية، حيث تصبح الملابس موضوعاً للنقاش في مهرجاناته السنوية؛ وهكذا، يعزّز وعي ثقافة الموسيقى حول الملابس.

الموضة في تناغم

لقد أثرت الموسيقى الشعبية على الموضة لعصور، وما زالت توفر فرصاً لإثراء الحس الإبداعي. من التاريخ الذي تعلمناه إلى إعادة صياغة الموضة المستدامة اليوم، لا يزال تقاطع التعاون موجوداً وسيظل دائماً.