مسكنالفعالياتمساحاتMDLBEAST Radioمؤسسة مدل بيستالتوظيفمكافأت السعوديهاحتفالات الشركات


صناعة الموسيقى

تاريخ الراب: الفن الموسيقي للتعبير عن الذات


بواسطة MDLBEAST

أ 11 2023

صناعة الموسيقى

تاريخ الراب: الفن الموسيقي للتعبير عن الذات


بواسطة MDLBEAST

أ 11 2023

القليل من الألوان الموسيقية استطاعت عكس جوهر التطور المجتمعي كما فعلت موسيقى الراب خلال تاريخها الغني المتجذر بعمق في المجتمعات الأمريكية الأفريقية في الولايات المتحدة، فقد كانت هذه الموسيقى منذ فترة طويلة بمثابة صوت قوي للتعبير عن طبقة مهمشة لم تكن قادرة على إيصال صوتها.

وبالطبع، لا نستطيع التغاضي عن التداخل بين الشعر المنطوق وموسيقى الراب، فهو يكشف عن علاقة معقدة تمتد عبر الزمن والثقافة، ومثلما يمكن أن تتلاشى الحدود بين أنواع الموسيقى المختلفة، كذلك تتلاشى الحدود بين الراب والشعر. سنناقش عبر هذا المقال تاريخ الراب، ونكتشف أصوله وتأثيره وتطور أساليبه المختلفة. 

ما هي موسيقى الراب وكيف ترتبط مع موسيقى الهيب الهوب؟

يشير مصطلح الراب، والذي يشار إليه أحياناً بمصطلح الهيب هوب، إلى نوع موسيقي يركز على الإيقاع والشعر والتلاعب بالكلمات. وعلى عكس أنواع الموسيقى التقليدية، التي تلعب فيها الألحان والتناغم بينها دوراً رئيسياً، تركز موسيقى الراب على البراعة الشعرية وأنماط الكلام الإيقاعي المعقد. وتعد موسيقى الراب وسيلةً لسرد القصص، والتعبير الاجتماعي والشخصي.

على الرغم من أن مصطلحي "الهيب هوب" و"الراب" غالباً ما يستخدمان معاً أو بشكل تبادلي، إلا أنهما يشيران في الواقع إلى عنصرين مختلفين ومميزين في نطاق حركة ثقافية أوسع. لا يشمل الهيب هوب موسيقى الراب فحسب، بل يشمل كذلك العديد من المكونات الفنية الأخرى، بما في ذلك تنسيق الأغاني أو ما يعرف في اللغة العامية بالدي جي، والبريك دانس، وفن الرسم على الجدران (الجرافيتي). وظهرت موسيقى الراب كاستجابة للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي واجهتها مجتمعات الأمريكيين من أصل أفريقي واللاتينيين في مدينة نيويورك خلال فترة السبعينيات.

ولادة موسيقى الراب: لمحة عن أصولها

تعد موسيقى الراب تطوراً طبيعياً لفن سرد القصص الأمريكي الأفريقي وموسيقى البلوز (وهو أسلوب موسيقي يجمع بين موسيقى الريف والموسيقى الشعبية يتميز بالكلام الإيقاعي أو ما يقارب الكلام الذي يكون فيه اللحن حراً ولكن الإيقاع صارم). ويقارن أميري بركة، مؤسس حركة الفنون السوداء (Black Arts Movement)، لايتنين هوبكنز (أحد مغني موسيقى البلوز البارزين) بتوباك، واصفاً موسيقى الراب الحالية بأنها استمرار لموسيقى البلوز. ويتجذر تاريخ الراب في الأدب والموسيقى الأفريقية، مع إيقاعات البلوز وأنماطها المشابهة للكلام.

وتصف سارة ويبستر فابيو، وهي واحدة من أبرز المروجين للفنون الأمريكية الأفريقية، العلاقة بين جميع الفنون الأمريكية الأفريقية بأنها شريان الحياة المتدفق عبر المشاهد الفنية للثقافة، ويمتد شريان الحياة هذا من أغاني العبيد الأولى إلى موسيقى الراب الحديثة. ولطالما لعب رواة القصص والموسيقيون والمؤرخون الجوالون (المشار إليهم باسم griots في الثقافة الأفريقية) والحكايات الشعبية المنقولة شفهياً دوراً حيوياً في المجتمعات الأفريقية، ويعتبر الأداء الشفهي الأفريقي وسرد القصص ضروريين لفهم الكلمات المنطوقة وموسيقى الراب في الوقت الحالي.

قدم شعر الكلمات المنطوقة، خاصةً خلال نهضة هارلم، الأسلوب الشفهي الأفريقي إلى أمريكا في القرن العشرين. وقام لانغستون هيوز بنشر شعر الجاز مع إيقاعات الجاز، بينما قام فنانون مثل ألين جينسبيرج بإجراء التجارب على إيقاعات الجاز خلال "جيل البِيِت" (Beat Generation) أو "جيل الإيقاع".

وجدت هذه التقاليد الشفهية موطناً جديداً لها في شوارع نيويورك، حيث استخدم الفنانون الشباب أصواتهم للتعبير عن واقعهم. واستخدمت حركة الحقوق المدنية في الستينات شعر الكلمات المنطوقة لمحاربة عدم المساواة المرتبطة بالعرق. وكانت فرقة "الشعراء الأخيرون" "The Last Poets" وأميري بركة، أبرز من تحدوا الظلم الاجتماعي من خلال الشعر.

برز الشاعر والموسيقي غيل سكوت هارون في فترة السبعينات، ونقل مخاوفه السياسية ومرارة الواقع في قصائده الغنائية، وساهمت هذه الرسائل الإيقاعية في تشكيل موسيقى الراب.

وخلال هذه الفترة، لعب دي جي كول هيرك (DJ Kool Herc)، وهو مهاجر جامايكي معروف باسم "أب الهيب هوب"، دوراً محورياً في تشكيل مشهد الراب الأولي، وقدم "الفواصل" "breaks" وهي من أساسيات موسيقى الفانك والسول والديسكو، والإلهام الذي استند إليه البريك دانس، والتي أصبحت لاحقاً ركيزة إيقاعات الراب. أثناء عزف الموسيقى، كان كول هيرك يستخدم الميكروفون للتفاعل مع الجمهور، مما خلق ديناميكية التفاعل والاستجابة التي أرست الأساس لأداءات موسيقى الراب الحديثة.

تطور موسيقى الراب: من الشوارع إلى الشهرة

يمكن تتبع بداية شهرة موسيقى الراب ووصولها إلى المشهد الرئيسي للموسيقى إلى شوارع برونكس (ودي جي كول هيرك)، حيث كانت حفلات وتجمعات الأحياء نقطة البداية لهذه الموسيقى، وتميز الراب في بداياته بإيقاعات بسيطة وكلمات مخصصة للحفلات.

ويُعتقد أن العصر الذهبي لموسيقى الراب قد بدأ في فترة الثمانينات ، حيث برزت العديد من الأسماء على الساحة، ومنهم إل إل كول جاي "LL Cool J"، وران- دي أم سي "Run-D.M.C"، وإريك ب. وراكيم "Eric B. & Rakim"، وكوين لطيفة "Queen Latifah"، وإيه ترايب كولد كويست "A Tribe Called Quest".

ظهر المزيد من الفنانين في هذه المرحلة واستخدموا موسيقاهم لتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية، والفوارق الاقتصادية، والظلم المرتبط بالعنصرية. وكانت فرق الراب مثل فرقة بابليك إنيمي "Public Enemy" وفرقة إن.دبليو.أيه "N.W.A" من بين الرواد في الكتابة الشعرية الغنائية، مستخدمين في أغانيهم كلمات استفزازية أشعلت المناقشات حول العرق والسلطة وعدم المساواة.

وتفرعت موسيقى الراب في العصر الحديث إلى العديد من الأنواع لتلبي مختلف الأذواق وتقدم تجارب متنوعة، وتشمل الأنواع الفرعية الراب الواعي "conscious rap" المتميز بكلماته المتعمقة بالمشاعر، وموسيقى التراب "trap music" الحماسية والتفاخرية. ويتعمق اليوم الفنانون من أمثال كندريك لامار "Kendrick Lamar" في القضايا الاجتماعية من خلال استخدامهم لكلمات تحفز التفكير، بينما يتوجه فنانون آخرون مثل فيوتشر "Future" إلى استخدام الألحان المعدلة صوتياً لإنتاج أغاني تجذب الجماهير.

انتشار موسيقى الراب على المستوى العالمي

انتشر الراب كذلك على مستوى الثقافات المختلفة، وتبناه العديد من الفنانين العالميين، وأعادوا صياغته، ومنهم نارسي وهو مغني راب عراقي كان قد تحدث خلال مؤتمر إكس بي لمستقبل الموسيقى في العام الماضي.

كما تعاقدت مدل بيست ريكوردز مع مؤيد النفيعي، وهو أحد الفنانين الذين يجمعون بين ثقافتين مختلفتين من خلال المزج بين كلمات الشعر العربية والألحان المستوحاة من موسيقى الراب. وتعاون مؤيد مع مغني الراب الفلسطيني الأردني "سينابتيك" لخلق موجات من التغيير في المشهد الموسيقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. 

وقدم مؤيد أداءً متميزاً على مسرح ساوندستورم الذي استضاف مختلف الفنانين المحليين والعالميين لتعزيز شمولية قطاع الموسيقى في الشرق الأوسط.

تظهر البدايات المتواضعة لموسيقى الراب وصعودها إلى الساحة العالمية قوتها كأداة للتعبير، ويبين تاريخ الراب مساهمته في تمكين المجتمعات الأقل حظاً، وتأثيره على الثقافة السائدة، وتشكيكه في صحة الأعراف المجتمعية. ويبقى إرث هذه الموسيقى صامداً ومبدعاً في التعبير عن الذات دون أي قيود.


شارك