في ليلة 11 ديسمبر / كانون الأول، وبعد ساعات قليلة من إعلان رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو عن فوز المملكة العربية السعودية بملف استضافة كأس العالم 2034، قدم عايض وفهد بن فصلا وغادة شيري عرضًا لأغنية "يلا يلا - أهلًا بالعالم" على مسرح حفل جوائز بيلبورد عربية بمركز الملك فهد بالرياض. عكست هذه الخطوة أهمية الموسيقى في الترويج للأحداث الكروية، وخاصة البطولة الأبرز وهي كأس العالم.

بعد نسخة كأس العالم التي فاز فيها منتخب الأرجنتين بقيادة دييجو أرماندو مارادونا عام 1986 بالمكسيك، وما صاحبها من ضجة بسبب الأحداث والقرارات الجدلية، تغير منظور الجماهير بشكل كامل تجاه البطولة وأصبح البحث عن طرق ترويجية لجذب مزيد من الإهتمام أمرًا ضروريًا. في النسخة التالية التي أقيمت في إيطاليا عام 1990، بدأت البطولة تعتمد أغنية ترويجية رسمية أو أكثر، بالإضافة إلى ألبوم موسيقي مصاحب، وكانت الأغنية الأبرز في هذه النسخة هي أغنية "To Be a Number One" من أداء جيورجيو مورودير. 

تكرر هذا النهج في البطولة سنة 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية، مع أغنية "Gloryland" لداريل هال وساوندز أوف بلاكنس، وهكذا استمرت الأغاني بالتعبير عن الهوية الثقافية للبلدان المستضيفة.  لكن الأمور أخذت منحى آخر تمامًا عندما قدم ريكي مارتن "The Cup of Life" أو "La Copa de la Vida" في كأس العالم 1998. ساهمت عالمية ريكي مارتن وانتشاره القوي إلى جانب زخم هذه النسخة، بجعل الأغنية ظاهرة أيقونية أعادت تعريف طريقة صناعة الأغاني الترويجية للبطولة.  

أثرت هذه الأغنية على اختيار الأسماء المشاركة في ألبومات النسخ التالية، كما فتحت الباب أمام دخول شركات راعية للمساهمة في إنتاج الأغاني. ظهرت أسماء بارزة على الساحة مثل شاكيرا التي هيمنت على نسختين متتاليتين، بالإضافة إلى  بيتبول وإيكون. كما حققت أسماء بارزة من المنطقة تواجد بارز في مشهد الأغنية الترويجية، بدأ مع نانسي عجرم التي قدمت النسخة العربية لأغنية "Wavin Flag". تلتها مشاركات مع أسماء لامعة مثل الشاب خالد ومحمد عساف، وصولًا إلى نسخة 2022 في قطر، حيث شهدت تعاونًا نسائيًا شاركت فيه نورا فتحي وبلقيس ورحمة رياض ومنال بأغنية "Light the Sky". كما برزت ميريام فارس بأغنية "Tukoh Taka" مع نيكي ميناج ومالمو، بالإضافة إلى مشاركة ويجز بتراك "عز العرب". 

استنادًا إلى التأثير الكبير الذي أحدثته الأغاني الترويجية الرسمية في تشكيل هوية كل نسخة من بطولة كأس العالم، نستعرض في هذه القائمة أبرز الأغاني التي طبعت في هوية كل بطولة من عام 1998. 

ريكي مارتن - "The Cup of Life"

صدرت أغنية "The Cup of Life" لريكي مارتن عام 1998، وكانت النشيد الرسمي لكأس العالم الذي استضافته فرنسا. وضعت هذه الأغنية القواعد الأبرز للأغنية الترويجية لكأس العالم حسب موقعها الزمني، من الجملة اللحنية التي تظل عالقة  في الأذن "آليه آليه آليه" إلى إستعمال الآلات النفخية مثل الترومبيت مع الطبول. أمّا العنوان "كأس الحياة" يعكس كأس العالم باعتباره الإنجاز الأهم لأي لاعب، حيث تتمحور الكلمات حول الرغبة بالفوز بالبطولة.

 "Hips Don't Lie (Bamboo Mix)" - شاكيرا 

خرجت أغنية "Hips Don't Lie" قبل البطولة، لكن ضمها إلى الألبوم الموسيقي قبل أن تؤديها شاكيرا في الحفل الختامي للبطولة التي أقيمت بألمانيا في 2006، كما تزامنت مع صعود البوب اللاتيني عند بداية الألفية. وقد احتوت النسخة الخاصة بكأس العالم على إضافات مثل الكورس الغنائي الجماعي وأصوات الهتاف الجماهيري، وتكثيف صوت الترومبيت مع الآلات الإيقاعية اللاتينية مثل البونغو والكونغا والتمبالز. 

أمّا جملة "Don't Fight Tonight" كانت قادرة على جذب الإنتباه كدعوة للسلام، بما أن العالم بأسره يلتف حول البطولة الأهم. كما قدمت كلمات الأغنية مقاربة بصرية سمعية بين الرقص وأساليب المراوغة الماهرة للاعبين، دون أن تنسى تكريم أسطورة كرة القدم الأرجنتينية "My football Jersey says Maradona". 

شاكيرا - "Waka Waka"

بعد النجاح الضخم لأغنية "Hips Don't Lie" صارت شاكيرا نجمة أغاني كرة القدم. في النسخة التالية التي أقيمت بجنوب إفريقيا عام 2010، والتي شهدت حالة احتفالية ضخمة بسبب مكان إقامتها، قدمت شاكيرا نسخة أغنية "Waka Waka" المقتبسة من الأغنية الكاميرونية "Zamina Mina" التي تعود إلى فرقة جولدن ساوندز، وتنتمي إلى نمط الماكوسا وهو نوع من الموسيقى الأفريقية المعروفة في الكاميرون. كانت هذه الأغنية أول مزج ثقافي صريح يعبر عن كأس العالم، واستدعت الروح الأفريقية خلال الأداء الراقص في فيديو كليب الأغنية الرسمي.

بيتبول وجينيفر لوبيز وكلاوديا ليتي - "We Are One" 

عاد البوب اللاتيني في نسخة كأس العالم 2014 التي استضافتها البرازيل، حيث قدمت أغنية "We Are One" مزيجًا عالميًا جمع بين ثلاثة أسماء بارزة. حققت الأغنية توازنًا ترويجيًا بين بيتبول، الذي كان قد وصل إلى قمة نجوميته في تلك الفترة، والمغنية اللاتينية العالمية جينيفر لوبيز، بالإضافة إلى كلاوديا ليتي، التي تمثل رمزًا موسيقيًا محليًا مهمًا. حملت الأغنية روح الموسيقى الإلكترونية الراقصة الخاصة بالأندية الليلية اللاتينية، مما أضاف لمسة عصرية لجو كأس العالم.

أوزونا وجيمز وريد وان - "مرحبًا (Arhbo)" + ويجز - "عز العرب"

قدمت أغنية "مرحبًا (Arhbo)" مع أوزونا وجيمز وريد وان مزيجًا مميزًا بين اللغة العربية والإنجليزية والفرنسية، حيث اعتمد اللحن على دقات الطبول التي اقتربت من الإيقاع الخليجي، ورافقه عيّنات الموسيقى الإلكترونية. أما في أغنية "عز العرب"، فقد كان ويجز على الموعد بتراك جمع بين إيقاع الأفروبيتس والمزمار الخليجي، حيث وظف بالبارات بأسلوبه التبجحي المعهود في استعراض نجاح قطر في تنظيم المحفل الرياضي الضخم لعام 2022، بطريقة أنيقة لا تخلو من لهجة الفخر.