

ما بعد "بري": موريس لوقا ينطلق نحو آفاق صوتية جديدة
بواسطة Nour Ezzedine
ي 02 2025
ما بعد "بري": موريس لوقا ينطلق نحو آفاق صوتية جديدة
بواسطة Nour Ezzedine
ي 02 2025
يُعد موريس لوقا واحدًا من أكثر الأصوات الموسيقية جرأةً في المنطقة، حيث يشكل مساره الفني رحلة متواصلة من البحث عن لغات صوتية جديدة. بدأ العزف في نهاية التسعينيات مع فرق الأندرجراوند في القاهرة، المدينة التي نشأ وعاش فيها، قبل أن يبلور مشروعه الفردي الذي يجمع بين تقنيات الموسيقى الإلكترونية وتأثيرات الموسيقى الشعبية والمحلية.
عبر مسيرته، أطلق لوقا سلسلةً من الأعمال التي أعادت تعريف الصوت التجريبي المصري، بدءاً من ألبومه "جراية" مروراً بألبوم "بنحيي البغبغان" سنة 2014 الذي أدهش النقاد باستخدامه اللافت للآلات الموسيقية، وغيرها الكثير من الألبومات التي تعاون فيها مع شركة سمسارة ريكوردز.
لم يقتصر تأثيره على أعماله المنفردة، بل امتد إلى مشاريع جماعية مثل "أقزام شرق العجوزة" مع مجموعة من الموسيقيين التجريبيين، بالإضافة إلى "الإخفاء" مع مريم صالح وتامر أبو غزالة، والذي قدموا فيه ألبوم سنة 2017 أعاد تخيل الشعر المصري العامي عبر إيقاعات إلكترونية غريبة، وصولاً إلى "إليفانتين" 2019 الذي ضم عازفين من مشهد الجاز في إيطاليا والسويد وألمانيا.
يتميز أسلوب لوقا بقدرته على تحويل العناصر التقليدية إلى مادة سمعية متقنة، سواءً عبر تعديلات الجيتار أو دمج الإيقاعات الشعبية مع تقنيات الموسيقى الإلكترونية. لعبت تعاوناته المتنوعة من موسيقيي الجاز إلى عازفي العود، دورًا مهمًا في إظهار التزامه ببناء جسور صوتية تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.
بعد مسيرة موسيقية حافلة بالتجريب والبحث عن صوت متجدّد، يعمل موريس لوقا اليوم على تحضير ألبومه الجديد "بري". بعيدًا عن القواعد المسبقة أو الالتزام بقالب محدد، يتعامل لوقا مع كل مشروع كفرصة لاكتشاف مسارات صوتية جديدة، مستلهمًا من خبراته السابقة ومن رغبته الدائمة بكسر المألوف. يحمل الألبوم وعدًا بتقديم تجربة موسيقية تنطلق من نفس فلسفة الحرية والانفتاح التي لطالما شكّلت جوهر أعماله.
عملت في أشكال موسيقية متعددة: أعمال فردية، فرق موسيقية، موسيقى أفلام، بالإضافة إلى تعاونات مثل "بيكيا" و"الإخفاء". حدث عن رحلتك كمؤلف موسيقي — كيف تطوّرت أفكارك حول صناعة الموسيقى عبر السنين؟
موريس:أعتقد أنّه إن كان هناك شيء قد تغيّر، فهو أنّ الإنسان ربما مع مرور الوقت يصبح أوضح له لماذا يفعل هذا، وما هي الدوافع. وأعتقد أنّه بالنسبة لي، في جوهر الموضوع، الموسيقى ما زالت هي الطريقة المفضّلة بالنسبة لي في التواصل والتعبير.
أنت ذكرت سابقًا أنك دخلت عالم الموسيقى الإلكترونية بالصدفة أثناء تجربتك في العزف على الجيتار والمؤثرات الصوتية. حدّثنا عن بدايتك — كيف أثّرت تلك الاكتشافات حينها على طريقتك في التأليف اليوم؟
موريس: عندما وجدتُ نفسي أستخدم الكثير من المؤثرات على الجيتار، اتّضح لي أن اهتماماتي الموسيقية تغيّرت، وأصبحت بحاجة لأدوات وآلات جديدة أستطيع من خلالها أن استكشف وأعبّر عن العالم الصوتي الذي سيطر على عقلي في ذلك الوقت. وبالتالي، أدّى ذلك إلى أن أبدأ بتجربة العزف وتعلّم آلات أخرى مثل الأورغ، والسنثتزايزر وآلات الإيقاع الإلكترونية، وغيرها.
ألبومك "Elephantine" الذي صدر عام 2019 جمع فرقة من عشرة موسيقيين من أوروبا والعالم العربي. حدّثنا عن هذا الألبوم — كيف أثّر التعاون مع مجموعة متنوعة بهذا الشكل من موسيقيي الجاز على التأليف والروح الخاصة بالألبوم؟
موريس: في الحقيقة، الأمر حدث بالعكس، فقد لحّنت المقطوعة أولًا ثم بدأت أرى كيف يمكنني تنفيذها. لكن طبعًا، فكرة التلحين لعدد كبير نسبيًا من الموسيقيين، والغوص في هذا النوع من التجارب الموسيقية، والتعامل مع الموسيقيين في هذا السياق، كان شيئًا ملهمًا جدًا وجديدًا عليّ في ذلك الوقت، وبالتأكيد كان له أثر كبير عليّ.
ألبوم ريميكس "بنحيّي البغبغان" أعاد إحياء أعمالك القديمة بحياة جديدة من خلال منتجين مثل جُلمود والكونتيسة. حدّثنا عن هذه التجربة — ما الذي اكتشفته من خلالهم عن المادة الأصلية؟ وما أكثر ما جذبك في طريقتهم؟
موريس: أنا ممتن جدًا لهذه التجربة ولكل من شارك في المشروع، وتحديدًا ممتن لسارة المنياوي من سمسارة، لأن هذه كانت فكرتها، وحتى ترشيحات المنتجين والمنتِجات جاءت منها في الأساس. وكان شيئًا رائعًا أن أسمع عملي يُعاد صياغته وتُفتح فيه عوالم صوتية وعاطفية جديدة. فكنت مستمتعًا جدًا، وفي الحقيقة لم يكن يهمّني أن يحافظ أحد على شيء معيّن، بل كان لديّ فضول وإحساس عام بأن أي طرح يُقدَّم هو رؤية شخص آخر، وذلك أمر جميل في حدّ ذاته.
حدّثنا عن صناعة ألبوم "Fera" — كيف كانت فكرة "الوحشي" أو "البري" موجهة للإحساس العام والصوت الخاص بالألبوم؟ وكيف كانت العملية مختلفة عن أعمالك السابقة؟
موريس: كان ذلك إحساسًا أكثر منه أسلوبًا موسيقيًا، وقد شعرت به بعد أن اكتمل العمل وأصبحت لديّ رؤية أوضح له من زاوية مختلفة، لذلك لا أستطيع القول إن هذا أثّر في طريقة صناعة العمل أو في تنفيذه. أعتقد أن ما اختلف في "بري" عن باقي الألبومات هو كمّية التجارب التي خضناها على الأغاني والمقطوعات على المسرح في عروض حيّة قبل مرحلة التسجيل. وحتى لو حدث شيء مشابه مع "بنحيّي البغبغان"، فالفرق هنا أنّ في "بري" كانت تلك التجارب تتضمّن تعاونات مع موسيقيين آخرين، وبناء العمل سويًا على فترة أطول فوق المسرح.
شارك